728x90 AdSpace

اخر الاخبار
السبت، 24 مارس 2018



جوكوندوا...
لابد عزيزي القارئ من أنك سمعت بجبل جكو بمنطقة كجلا بمرنج... والغريب أن لهذا الجبل شبيه إسم له بجنوب السودان ولكن لجبل جكو بمنطقة كجلا صيت عال من حيث الأساطير والحكايات الغريبة التي تحاك حوله...!
جوكوندوا عزيزي القارئ وهذا مايحب أن يطلقه أهل المنطقة عليه تمييزا له من جبال المنطقة حيث أن له من القصص ماتشيب له الرؤوس، وتخرس الألسن ،وتذهل العقول...!
ومن غريب أحواله أن هذا الجبل رغم توسطه منطقة سكنية يعج بها البشر إلا أن الوحش مازال يسكن أعاليه ويقيم في كهوفه التي لاتحصي ولاتعد... وقد قيل أن حيوان الكورا أو التيتل رؤي يتجول متهادياً يمشى الهوينى في أعاليه غير وجل في السنين الحالية... أما أغرب ماسمعت عن هذا الجبل فهو ماسأرويه لك فيما يلي....!
.... ذكر محدثي وهو من قدامي الكنقري( الصيادين).... قال... كنا ونحن في عنفوان شبابنا نتباهي بممارسة صيد الوحش ليلاً بالمناطق الجبلية فنخرج ونقيم مخيماً بها وتمضي الأيام ونحن علي حالنا نخرج ليلاً تاركين أحدنا ليحرس ممتلكاتنا من عبث الكوجيشار أو القطط الخلوية آكلة اللحوم... ونهيم بين الصخور والكهوف باحثين عن الصيد بكل أشكاله بدءاً بالأسود وإنتهاءا بالجرذان... ولايفلت منا إلا ماكتب الله له من عمر مديد ومانزال هكذا حتي يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فنكر عائدين بما رزقنا من صيد لنطعم منه ثم نقيل بمعسكرنا نائمين هانئين... ومامعسكرنا إلا كهف من الكهوف الباردة المنتشرة بالجبل...!
وفى ذات يوم وقريباً من المغربية والشمس قد إحمر ضؤها ومالت للغروب غادر أحد رفاقنا وكان أكبرنا سنا قائلاً أنه قد نصب شراكه قرب أحد الكهوف التي بعج بها حيوان الإرشو( أبوشوك) وهو يخشي أن تسبقه الحيوانات اللاحمة فتأخذه لقمة سائغة إذا وجدته في الشراك لذا لابد من الإسراع لأن هذا أوان خروجه...!
غادر رفيقنا مسرعاً صوب الكهف الذي لم يكن بعيداً... وجلسنا منتظرين ونحن في لهفة وشوق ممنين نفوسنا أننا لابد سنتعشي بلحم إرشو طازج نتقوي به علي سهر الليل والتجوال بحثاً عن الصيد... ومازلنا ساهرين والصمت يلفنا من جراء تأخر صاحبنا... وإنتصف الليل ولم يظهر لصاحبنا أثر وظهر علي وجوهنا القلق... تري ماحل برفيقنا...؟
ومع أولي تباشير الفجر سمعنا حركة ظهر علي إثرها صاحبنا بعيداً فحمدنا الله علي عودته سالماً ولكنا لاحظنا عليه تغيراً قد طرأ علي محياه وقرأنا علي وجهه علامات الجزع فتساءلنا عن ما ألم به ولم تأخر كل هذا الوقت ولماذا أتي إلينا خالياً دون صيد...و...و... فأشار علينا أن أصمتوا ودعوني آخذ نفسا...!
وبعد لحظات حسبناها دهراً بدأ حديثه بأن مد يده التي كانت كفها ممسكة بشئ لم نلحظه طيلة هذا الوقت فإذا به ممسكاً بكسرة خبز.. أجل كسرة ذرة ساخنة وكأنها أنتشلت من ( الدوكة) أمامنا ولم تمض عليها دقائق...!
صحنا وبصوت واحد ... كسرة...؟ ومن أين لك بها في هذا الخلاء...؟ قال: أصمتوا لأحدثكم بحكايتي منذ مغادرتي وحتي عودتي... فصمتنا علي مضض ونحن نتحسس الكسرة الدافئة بين أكفنا...!
قال... عند وصولي لموقع الشرك الذي نصبته أمام الكهف وجدت أن به إرشو ضخم مازال حياً وهو يناضل لتخليص رجله من الشرك فأسرعت نحوه لأقضي عليه ثم أخلصه من الشرك لأعود به ولكنه ماأن رآني إلا وزاد في جذب رجله فقطعها وأسرع زاحفا ليدخل الكانقا( الكهف) ناجيا بثلاث من الأرجل فطمعت فيه لضخامته وبطء حركته وكان في متناولي فتبعته داخلاً الكانقا غير مكترث بضيق المساحة وحشرت نفسي متلويا كالثعبان طمعاً في فريستي القريبة المنال...!
ومازال الإرشو زاحفاً أمامي وأنا خلفه ممنياً نفسي علي الظفر به في أية لحظة إذا توقف منهكاً... ولم ألحظ مع أنهماكي للظفر بالإرشو بأن الكهف قد إتسع وأصبح بمقدوري الوقوف مستوياً علي طولي وأن الضؤ قد إنقشع وأن بإمكاني الرؤية أمامي دون حجاب يتغشي بصري...!
... وفجأة وجدتني وكأني خارج من غرفة وفوجئت بإمرأة مليحة جالسة تعوس كسرتها في ظل العصرية وحولها أرتال من الإرشي( جمع إرشو).... منها ماهو مستلق علي راحته ومنها ماتكوم فوق بعض نائماً وماسرح بقربها غير مبال بشخصي... ورأيت علي إمتداد البصر مياها جارية وأشجار دليب وسمعت شقشقة العصافير وثغاء البهم وهديل القماري وغناء لفتيات يأتي من البعد شجياً وكأنهن يمرحن في ظلال الوادي أمامي إذ كانت ضحكاتهن تأتي بصدي وترداد... ووقفت مشدوهاً فاغراً فاهي ومبحلقاً غير مصدق لما أنا فيه وماوجدته أمامي من منظر عجيب...!
ومازلت منتصباً وكأني وتد قد دق علي الأرض حتي أعادتني إلي الحياة زجرة من المرأة صاحبة الكسرة أمامي وهي تقول لي مؤنبة.... أهذا أنت الذي تؤذي خرافي فتعود ناقصة العدد يومياً أو تعود بأذي في أجسادها...؟
مابالكم أيها البشر تحبون أذية مخلوقات الله الآمنة..؟
ومابالكم تحبون أخذ حقوق الغير من غير إذن منهم...؟
... قال... فصمت كالأبكم لاحيلة لي أن أجيبها وفغرت فاهي كالأبله.... وعندما رأت ماحل بي وعلمت أنه سيغمي علي إن هي زادت في تأنيبها وسبابها فما كان منها إلا أن خففت من حدتها قائلة بصوت جعلته أقل حدة وغضباً... أنظر ... فبسبب نصبكم للشراك فإن معظم خرافي أصبحت ثلاثية الأرجل ولاتستطيع الذهاب للمرعي بعيداً مما يكلفني ذلك أن أعلفها بالمنزل مع كثير أعبائي كما تري...
دعونا يابني البشر نعيش في أمان ببهائمنا في مناطقنا وأتركونا... وهذه آخر مرة نسمح لكم فيها بأذية خرافنا وبعدها لن نترككم تفعلون مثل هذه الأمور.... هيا إذهب من أمامي قبل أن يأتي صاحب الدار فتري منه ماتأبي....!
قال... فإندفعت إلي الأمام لا ألوي علي شئ فإذا بها تصيح بي... علي رسلك ياهذا ... عد من حيث جئت فإن طريقك ليس من هنا... فإنقلبت علي أعقابي مسرعا فصاحت بي أن... خذ هذا فربما مات أصحابك المنتظرين بالخارج جوعاً.... فمددت يدي دون دراية مني بمقصدها فناولتني هذه الكسرة... ومازلت مهرولا و الظلام يزيد ... والكهف يضيق حتي أصبحت أزحف علي ركبتي وأتلوي كما فعلت في بادئ دخولي... فخرجت وأنا لا أصدق أنني نجوت من مصيبة ألمت بي حتي وصلت إلي حيثكم...!
أخذت وصاحبي ننظر إلي رفيقنا دون تصديق تارة... وإلي كسرة الذرة الدافئة بأكفنا تارة أخري ونحن في حيرة من أمرنا حتي أشرقت الشمس فلفحت حرارتها وجوهنا لنسرع في لملمة أغراضنا واللحاق بذوينا..... تلك حكاية من الأساطير والروايات التي تدور حول جكوندوا.... فمارأيكم أعزائي...؟.
كونوا بخير وصباحكمZain

  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: Rating: 5 Reviewed By: nietomaga.blogspot.com