728x90 AdSpace

اخر الاخبار
الأربعاء، 9 أغسطس 2017

( تُلُم)



منو فيكم الما أكل من الملاح دا........ ؟
طبعاً كلكم حترفعوا أياديكم للإجابة والإعتراف بهذا الجرم الفظيع.......وطبعاً بقولوا الإعتراف بالذنب فضيلة..... وبصراحة انا ماقصدى الإعتراف بمدى حبكم أو إزدرادكم ونهشكم للكسرة أو كيمان العصيدة بملاح الخضرة...... لا لا أبداً ..... وإنما قصدى عدم معرفتكم لأهمية هذه الخضرة فى حياة الاونشو منذ القدم......
فالأونشو عرفت الخضرة كنبات برى منذ قديم الزمان وبرعت فى طباخة عدة أنواع من الإدام( الملاح) منه..... وقد أطلقوا عليه إسم( تُلُم) وجعلوه فى مقدمة أطباقهم خاصة فى الخريف أيام الشدة مابين شهرى أغسطس وسبتمبر حيث نجد ندرة فى توفر المواد الغذائية ......
والتُلُم كنبات غذائى برى كان يمثل أهمية فى فترة المجاعات قديماً حيث كان يطبخ بكميات كبيرة ويُلعق بالأيدى فيشعر الناس بالشبع وربما أضافوا إليه شيئاً من اللبن الرائب فيصبح ذو طعم حمضى يستسيغه الناس ويزدردون منه كميات تبرز معها كروشهم بشكل لافت للنظر...... وكانوا يطلقون على عملية إضافة اللبن الرائب للتُلُم إسم( أيرنقى).... أى مزج......
ومن ما أذكره عن هذا النبات هو أن الرعاة كانوا يحملون معهم دوماً حفنة من الملح المخلوط بالفلفل الحار( الشطة)..... وكانوا إذا إشتد بهم الجوع وهم فى الوادى يسرعون بخرط أوراق التُلُم الخضراء الناعمة وبراعمها فيخلطونه بما يحملون من ملح ويأكلونه بشراهة ثم يعقبونه بشرب مياه الترع الباردة ويواصلون يومهم فرحين وكأنهم آتون من وليمة او مأدبة بها أطايب الطعام.....
ومن ما جال بخاطرى من طرائف عن هذه الخضرة أن إبن عم لى رحمه الله كان نائماً ذات ليلة وطغى عليه حلم جميل فظل يهمهم قائلاً..... ملاح خضرة بزيد القدرة.... ملاح خضرة بزيد القدرة...... أندل بردابور أريينقوى نقبو نقبو......ومعنى الشطرة الأخيرة من كلامه أن ( العيشريف فى قريتنا البرداب كتير كتير).... والطريف فى الأمر أن عبارة ( نقبو) هذه ليست من لهجتنا.... وإنما إستلفها إستلافاً من لهجة أخوانا (التيمين).... فصار حديث حلمه هذا مثلاً يضرب عند الاونشو ولا زالوا يقتبسون من حلمه هذا عبارات فيقولون ( كما قال فلان..... ملاح خضرة بزيد القدرة)... أو أن هذا الشئ ( نقبو نقبو) أى كثير جداً.....
وكذلك قيل أن نفراً من الأونشو أتوا إلى الخرطوم فى مطلع الستينات فدخلوا مطعماً وصفقوا كما جرت العادة فأتى الجرسون ( النادل) وجعل يسمى الأطعمة المتوفرة بسرعة وبأسماء رنانة فقال أحدهم... أعطنا (شريفة).... فذهب النادل وعاد مسرعاً بوعاء ممتلئ حتى الحافة بكسرة بملاح خضرة...... فصرخ الجميع بصوت واحد...(إريرى نقنى نو...... نوشر تُلُم منا....).... والمعنى( ماهذا ياقوم... أليست هذه خضرة)....؟؟؟
وخرجوا غاضبين بين دهشة وإستغراب رواد المطعم الذين لم يفقهوا شيئاً لتصرفهم هذا...... ولو علموا السبب لبطل العجب.... فهولاء المساكين قد إنزعجوا لرؤيتهم لهذه الخضرة التى ذكرتهم أيام الشدة والمجاعة السالفة ... وكيف يأكلونها فى الخرطوم وبقيمة نقدية او ثمن..... فهم يعرفونها كنبات برى وليس كخضار مزروع يباع بيعاً فى مطاعم العاصمة.......

صباحكم (خضرة).... وجمال.... ووجه حسن..... وكونوا بخير وصباحكمZain
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: ( تُلُم) Rating: 5 Reviewed By: nietomaga.blogspot.com