قبل أيام طالعتنا الأستاذة
الغيورة Amal Nureen بمناشدة ألحت فيها للخروج
والسياحة بصحبتها في جولة حول مناطق جبال النوبة وجبال الأنشو خاصة للوقوف علي
محطات تربوية وتأريخية في مجال التعليم قديما وحديثا...!
وعلي الرغم من صعوبة تلك
الجولة لما فيها من تضاريس وموانع من الصعب إجتيازها لوعورة الطرق و لقلة المصادر
وشح الزاد... إلا أنني وبوازع قولهم( العلم بالشئ ولا الجهل به) وجدت نفسي غائصا
في مجاهل المنطقة ( تاريخيا) باحثا عن ماينير طريقي للوقوف علي أي شئ ولو شذرات
بسيطة من سند لهذا الدوسيه( الملف) الهام عن التعليم في مناطق الأنشو... متي وكيف
بدأ وأين وصل وبماذا ولماذا...؟وكما أسلفت فإن الموضوع شائك ومبهم شئ ما... وله جوانب لابد من التطرق لها وربطها بمتن الموضوع لإعطاء فكرة عامة عن أحداث طمسها البعض عمدا أوجهلا بها ولم ترد في سياق روايات من أرخوا للمنطقة ... عليه سنتناول هذا الملف في تسلسل دوري مبسط حتي تعم الفائدة ونعطي الفرص للمشاركة والتنقيح والإضافة من قبل الإخوة بالمنتدي...!
ونبدأ اليوم بوقفة موجزة علي أطلال التعليم حيث أفيد بالآتي...!
في العام 1915 تقريبا وأثناء توطيد حكم الإنجليز بمناطق السودان المختلفة سري قانون المناطق المقفولة بالسودان حيث كان لزاما علي القادمين إلي جبال النوبة إبراز وثيقة أو تصريح يسمح لهم بدخول المنطقة وإلا فلا مجال لأي كان بالتواجد داخل حدود المنطقة التي تبدأ من الدلنج شمالا وحتي نمولي في الجنوب...!
وكان الغرض من سن هذا القانون هو منع إحتكاك أهل الشمال المسلمين بأهل المنطقة من غير المسلمين علما أن منطقة الجبال كانت منطقة بور( بكر) أو كما يقول الأنشو( تاكور) لم يدخلها أي دين سماوي قبلا وكان الناس يعيشون علي الفطرة... ولا أقول إنهم كانوا وثنيون وأرفض بشدة هذا القول لأن الناس وإن كانوا لادينيين إلا أنهم لم يكونوا وثنيين كما يعتقد البعض أو يروجون... ذلك أن مسألة ممارسة بعض الطقوس والكجرة لاتدل علي عبادتهم للأوثان كما كان يفعل في بلاد العرب قبل الإسلام حيث عبد الناس الحجارة والمخلوقات وحتي الطعام وإني من هذا المنبر أبعث بتحد أن يثبت لي أي شخص أنه شاهد أو سمع عن وجود صنم أو أي منحوتات تنم عن سيادة الوثنية عند الأنشو...!
نعود إلي موضوعنا عن قانون المناطق المقفولة حيث قلنا أن الغرض من سن هذا القانون كان هو عزل مناطق النوبة البكر ومنع دخول الدعاة المسلمين ونشر الدعوة الإسلامية بربوع جبال النوبة... كما وإن هذا القانون كان يتيح المجال للمبشرين بالدين المسيحي الدخول وممارسة أعمالهم بكل حرية وبدون منافس وعلي حسب مايفعل أي مستعمر أو غازي لأي بلد فإن الإنجليز عند غزوهم السودان كانوا يعلمون جيدا أن الثورة المهدية لم تطأ أقدامها جبال النوبة ولم تؤدي دورها وهو نشر الإسلام بالمنطقة رغم أن بداية إنطلاقها كان بسند ودعم من المنطقة حيث إحتمي المهدي بجبل قدير ولكنه لم يلتفت للجبال الغربية وكما أنه لم يأت بغرض نشر الدعوة بل للتقوي ومجابهة الإنجليز...!
وكما أسلفت فقد كان في ركب المستعمر عدد لايستهان به من القساوسة والمبشرين أمثال القس( كمبوني) مؤسس المدارس الإرسالية( التبشيرية) الشهيرة والموزعة بمختلف بقاع السودان حيث أنشأ أول مدرسة إرسالية بمدينة الدلنج ومازالت آثارها موجودة حتي الآن...!
في العام 1917 وفي فترة مقاومة الزعيم الأموي الشهير ( منسوب للأما) عجبنا أرواجا...صاحب( الصورة)...في تلك الفترة تم تأسيس مديرية النوبة الكبري ( تالودي) وبموجب ذلك تمت ترقية المسترGeland جلاند مديرا لتالودي وخلفه علي إدارة مركز الدلنج المستر دينج جبرا... وبدأ دينج بيه... كما يطلق عليه (تدليلا) بإصلاحات جذرية بالمنطقة حيث إستدعي زعماء النوبة والذين كانوا حينها هم الكجرة( جمع كجور) حيث حضر إليه كل من الآتية أسماؤهم:
*الكجور كرتكيلا من النما
*الكجور نيتو من مرنج( دكل)
*الكجور كاتورا من منطقة مرنج( كابيلا)
*الكجور سلمة من منطقة مرنج( كجلا).
*الكجور أمينا دردما زعيم الأما ( النمانج) من منطقة سلارا...!
وبعد أن تم حضورهم أرسلوا لجمهورية مصر وتم تنصيبهم كمكوك( جمع مك) وهم من أوائل زعماء الإدارة الأهلية بالمنطقة حيث إستعان بهم الأنجليز في توطيد سلطتهم بالمنطقة... وكان أول شئ بدأه الإنجليز هو تأسيس مدارس تبشيرية سميت بالإرساليات وهي في الأصل نواة لكنائس تقوم بالتعليم وعبره تنشر الديانة المسيحية مضمنة في الدروس وبموجب ذلك الأمر وفي عام 1926 أقيمت أول مدرسة بمنطقة (كلاندي) بمرنج وكذلك قامت مدرسة أخري بمنطقة( أنقاركو) بالنما... وهنا قامت القيامة....ونواصل لاحقا
0 comments:
إرسال تعليق