728x90 AdSpace

اخر الاخبار
الجمعة، 16 سبتمبر 2016

نركو ...

...خلاص دا زمن الشغلات ديل.... من شهر تسعة وغادي الحاجات دي تظهر وتجنن الناس الجن الواحد دا.....!
هكذا إستهل عمنا النور حديثه وهو ينظر ناحية الجبل حاجبا أشعة الشمس من وجهه بكف يده وكأنه يعطي ( تعظيم سلام) للنركيي.....
والنركيي ‏Narkey‏ عزيزي القارئ هي مجموعة النسانيس ومفردها نسناس أو مانسميه بعامية كردفان (الأبلانج) وهو حيوان من جنس القرود ويتميز بالخفة و ( الشلاقة)..... ذلك أنه حيوان مفسد لكل المحصولات والخضروات الزراعية ولو دخل مزرعة ماترك فيها شيئا يستفاد منه إذ أنه يهجم في مجموعات فتأتي في دقائق علي كل مافي الزرع من التبش والبطيخ والذرة الشامية والرفيعة ويعيث فسادا حتي في قصب الذرة وحبال البطيخ الزاحف فيدمر المزرعة تدميرا كاملا.....!
الأونشو تسميه نركو كما ذكرت وله أيضا إسم وصفي وهو ال ( كوركيلي Quarkely‏) أي الأغبش وذلك لتباين لون وبره بين الحمرة والبني...... ويجمعونه علي كوريكيلي ‏Quarikily‏ .... ولأنه حيوان إجتماعي فقل أن تجد منها أحد منفردا إلا في حالة طرد أحد الذكور من آخر يسيطر علي المجموعة فتجده يسير منفردا ولكن ليس بعيدا عن باقي القطيع..... ويطلق عليه الأونشو إسم أريل ‏Arial....!
والأريل ‏Arial‏ المنفرد يلعب دورا مهما في حراسة المجموعة وله أذن حساسة وعين ثاقبة يراقب بها الأعداء ويقوم بتحذير جماعته للهروب...... ولي مع هذا الأريل موقف لازلت أذكره ورغم طول الزمن مازال محفورا بذاكرتي.....!
كنت يومها قعيدا بالبيب في عمر السادسة تقريبا فأوكلت إلي مهمة مراقبة الجبراكة من النركيي.... وتم منحي بوقا مصنوعا من البخسة يصدر خوار كخوار الثور إذا نفخته وكانت النركي تخاف من هذا الصوت لأنه يذكرها بصوت عدوها الأول البولشيري ( الضبع) فتهرب لاتلوي علي شئ لتختبئ.....!
رضيت بهذه المهمة علي مضض إذ أنني كنت أخاف من زعيمها الأريل خوفا عظيما لما سمعت عنه من قصص رهيبة وكيف أنه يمزق كلاب الصيد القوية بأنيابه رغم شراستها وخبرتها بالصيد.... وكيف أنه يستطيع التغلب علي الرجل بضربه بعود من الحطب.... و .... و..... أي مايرويه الناس عنه في حكاياتهم الشعبية..
المهم بدأت أول أيام مناوبتي بشئ من الحذر فكنت أتسلق شجرة عرديب وارفة الأغصان كانت موجودة في منتصف الجبراكة وأختبئ بين أغصانها الكثيفة وما أن تظهر مجموعة الأبالينج حتي أقوم بنفخ البوق بشدة فتهرب مسرعة وهكذا حتي أتممت فترة من الزمان محافظا علي حراسة الجبراكة......
وذات يوم وكان يوم عيد ..... بكرنا لصلاة العيد وتركنا الجبراكة خالية بدون حراسة.... وبعد أداء الصلاة مباشرة أمرني جدي بالإسراع للجبراكة ريثما يدركني بنفسه فقمت أجرجر أذيالي خوفا ورهبة فقد كان البيت خاليا من أهله وحتي الجيران بكروا وذهبوا لأداء صلاة العيد.... وحين وصلت البيت وولجت لداخل الجبراكة إقشعر بدني وأحسست برعب رغم أن المكان كان هادئا هدؤا كسكون المقابر.... وسرت بين سيقان القصب الطويلة بهدؤ وحذر وأنا أتوقع حدثا مفاجئا حتي وصلت إلي حيث شجرة العرديب فرحت أتسلقها بسرعة لأصل لمخبئ وأطمئن......
ولم أكد أصل منتصف الشجرة وأمسك بأول فروعها لأكشف عن موقعي حتي فوجئت بعينين حمراوين تحملقان بي وحين وقع نظرها علي شخصي فجأة إتسعتا وصارتا كجمرتين ثم..... وجدت نفسي مدفوعا علي الأرض فأجبرت علي ترك الغصن الذي كنت ممسكا به فإندفع الغصن بقوة وضرب المخلوق في رأسه ولكنه كان قد إندفع ناحيتي إذ لم يجد مكانا أوسع لهروبه إلا من ناحيتي وذلك لتشابك الأغصان بالجهات الأخري فأصطدم بي بقوة وهو في طريقه لأسفل..... وخوفا من السقوط وجدتني ممسكا به بكلتا يدي فسقطنا سويا علي الأرض ولكنه إستطاع بخفة الإفلات من يدي.....
وأنا راقد علي الأرض رأيت مشهدا عجيبا إذ أخذت سيقان القصب تهتز من كل ناحية وعلا صراخ وزعيق فرفعت رأسي لأجد مجموعة من الكوريكيلي تقفز هاربة خلف زعيمها ومنها إناث تحمل صغارها ...... وأدركت أنني حين دخلت الجبراكة خلسة لم يشعر بي زعيمها الحارس فظلت المجموعة منهمكة في عبثها حتي فوجئ بي صاحبهم فأطلق صوته منذرا لها أثناء فراره بعد سقوطنا من الشجرة.....!
والطريف أنني حين قمت من وقعتي تلك وجدتني ملطخ بشئ غريب اللون كريه الرائحة كان عبارة عن مخلفات معركتي مع صاحبي الأريل..... وحتي أطمئنكم فلاتشطحوا بخيالكم عن كنه هذه المخلفات متذكرين طرفة أخي كيكين٢ التي ألقاها في قصة إصطدام الرجل مع المرفعين في قطية الزرع وحين أتي الناس لرسم الحادث وجدوا فضلات بها صوف وفتات عظم وأخري بها شئ من السمسم فتساءل القوم وتجادلوا قائلين:
لقد عرفنا أن الفضلات التي بها صوف وفتات عظم هو إسهال المرفعين....!
ولكن لمن يرجع الإسهال الذي به سمسم....؟
فسمع الرجل همساتهم فقال بغضب وإستنكار :
( ديني بولقي بيلي تيني مونيما)....؟. 
أي.... ومن منكم أعطي المرفعين سمسما ذات يوم فرفضه....( يريد بذلك إلصاق الإسهال الآخر بالمرفعين أيضا).
وحتي تطمئنوا إن الشئ الذي لطخ ملابسي لم يكن يخصني فقد كان من مكوناته بعض بذور القضيم وقرون العقارب وشيئا من ثمار الجميز .... وذلك ممن لم يكن متوافرا ببيتنا يومها.... فكونوا بخير وصباحكمZain
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: نركو ... Rating: 5 Reviewed By: nietomaga.blogspot.com