أم جركم ...

 

نسمع كثيرا بعض الأمثال السودانية ولكننا لانعير إنتباها لبعض مفرداتها وإنما نتعامل مع المثل كجملة مفردات ومعني عام يحقق أهدافنا....

ومن الأمثلة والحكم السودانية الشائعة قولهم .... ( أم جركم مابتاكل خريفين).... ويضرب هذا المثل للدلالة علي قصر عمر الشئ وعدم ديمومته.... ولكن ياتري ماهي هذه الأم جركم ( بضم الجيم والكاف).... ؟

هل هو طائر...؟
أم زاحف...؟
مائي ... أم برمائي.... ولماذا ضرب به هذا المثل....؟

أم جركم عزيزي القارئ هي حشرة صغيرة في مثل حبة البن.... حمراء اللون تشبه قماش القطيفة في ملمسها ... تظهر بكثرة في أول الخريف حين تتوالي الأمطار وتصبح التربة رطبة وتنمو الحشائش ولأجل هذا يطلق البعض عليها إسم ( بت المطر)..... 
وأم جركم حين تظهر تراها بشكلها الجميل الخلاب تمشي الهويني ببطء شديد دون خوف أو وجل من الناس أو المخلوقات الأخري حيث أن هؤلاء لاغرض لهم بها عدا بعض الأطفال الذين يعاكسونها ليلعبوا بها.....

هذه الحشرة قصيرة العمر جدا فهي تظهر مع بداية الخريف لتتزاوج مع بعضها وتدفن بيوضها ولاتكاد تعمر لتصل منتصفه حيث لاتري إلا في الخريف القادم ولأجل هذا قيل في شأنها ( أم جركم مابتاكل خريفين) أي لايطول عمرها حتي الخريف المقبل....

الأونشو يطلقون عليها إسم ( أري دندنتو ) ولست أدري ماتفسير عبارة (دندنتو) هذه ولكني أسمع غالب الناس تسميها ( أري دوندو) أي طفيل المطر ( إبن المطر) ولكن الأفصح قولهم ( أري دندنتو) رغم غرابة اللفظ ولبسه....

عزيزي القارئ كانت هذه خاطرة مرت بي وأنا أشاهد إنتشار حشرة أم جركم ونشاطها للتزاوج رغم قصر عمرها وقد تساءلت لماذا لانتعظ بهذه الحشرة ونسعي لنكون من الرواد في الحفاظ علي إرثنا الثقافي التليد .... فهاهي حشرة دقيقة الحجم تسعي جاهدة وهي تعلم أن عمرها يعد بالأسابيع ولكنها تجتهد وتتزاوج لتدفن بيضها في الأرض ليفقس عن جيل جديد في الخريف القادم وبهذا تحافظ علي هويتها كمخلوق متفرد له صفات مميزة....
ألا يمكننا مجاراتها بالإجتهاد والسعي للحفاظ علي تأريخنا وإرثنا الثقافي لتكون لنا هوية وصفات تميزنا كأونشو حتي ولو قصرت أعمارنا ولم نلحق و (ناكل خريفين).....؟
سؤال مهم نرجو الإجابة عليه.... وكونوا بخير .... وصباحكمZain

أمثال جديد Slider 5:33:00 ص