\
إخوتي.... لم تتبق سوي أيام ويهل علينا الشهر الثاني من أشهر
الأونشو العظيمة وهو شهر التيراب أو مايطلق عليه التيري ننتو .... وهو شهر عظيم
لأن فيه تبدأ مرحلة التجديد لكل شئ حي....
ففي هذا الشهر تنتظم الأمطار وتنبت الحشائش وتخضر الأشجار ويبدأ
باقي الأحياء كالديدان والحشرات الأخري في الظهور علي سطح الأرض وكذلك تأخذ
الحيوانات في التناسل... وهنا يحس البشر بتجدد البيئة فيبدأون في حرث الأرض ودفن
بذور المحاصيل فيما يسمي بعملية التيراب.....
الأونشو عزيزي القارئ كانوا قديما يحتفلون بهذا الشهر ويأخذون بذور
محاصيلهم للكجور لمباركتها تهيئة لعملية التيراب ونجاح الموسم الزراعي....
وكنت تري في مثل هذه الأيام الأسر وهي تشمر عن ساعد الجد وتذهب إلي
حقولها فيقوم الرجال بعزق الأرض بآلة تسمي الإرمنق ( سولكاب) وتقوم الكنداكات
بإلقاء البذور في تلك الحفر فيدفنها الأطفال بأرجلهم في مصفوفة جميلة جدا والكل
مطأطئ رأسه في خشوع وكأنهم في عبادة وليس عمل... وصدق من قال أن العمل عبادة.....
يظل هؤلاء جادون في العمل دون توقف إلا بقدر أن يلقوا نظرة ناحية
السماء بين الفينة والأخري وكأنهم يستجدون ربهم أن يمنن عليهم بسحابة تمطر حقولهم
وتغطي بذورهم بالماء.... وقد يصدف أن يلبي الله دعاءهم الصامت هذا ويمطرهم
بوابل....( وإن لم يكن بوابل فطل) ....فيهمسون قائلين.... أري كتو كوريالونق ....
أي غطت الأمطار التيراب.... كناية عن حسن حظهم ورعاية ربهم لهم....
عزيزي القارئ ... في هذا الشهر يتوقف دولاب الحياة عن جميع الأنشطة
البشرية الأخري عدا الزراعة التي يكرس لها الناس جل وقتهم ومالهم ... وحتي
زياراتهم ومجاملاتهم لاتتم إلا في إطار البحث عن بذور جيدة (تيراب) لدي البعض
فيتبادلون هذه البذور مجانا وعن طيب نفس حيث يعتبر بيع التيراب حراما عند الأونشو
..... ومن الأشياء المعيبة لخلق الأونشيد بيعه لتيراب محصول يمتلكه وإن كان نادرا
ولذلك كانت الناس تهاجر للقري النائية لتحصل علي تواريب( جمع تيراب) من شخص إشتهر
بإمتلاكها.....
ولأجل هذا ظلت الحياة هانئة رخية ببركة الخالق نتاجا لتعامل البشر
بينهم بتلك الطيبة وروح الإخاء والتعاضد..... ولم تكن مساحة حقل أحدهم أكثر من
مخمس واحد ولكن حصاده كان كافيا لمعيشة أسرته طيلة عام كامل.....
واليوم تغيرت النيات بتغير نمط العلاقات الإجتماعية والنظرة
المادية فزرع الناس الآلاف المؤلفة من المخمسات كمساحات زراعية ولم يجنوا إلا خيبة
الأمل والرجاء لأنهم باعوا أخلاقهم وطبعهم يوم أن باعوا التيراب لإخوتهم بيعا بدل
منحها لهم مجانا وظنوا المال خير لهم فإنعدمت البركة وذهب الخير ....
ولقد صدق الشاعر حين قال:
إنما الأمم الأخلاق مابقيت.... فإن همو ذهبت أخلاقهم.... ذهبوا .....
إنما الأمم الأخلاق مابقيت.... فإن همو ذهبت أخلاقهم.... ذهبوا .....
وقس علي ذلك أخي في جميع مناحي الحياة ومعاملاتها فإن لم تجدها
سهلة ورخية فإعلم أنها منزوعة البركة لأننا نتعامل فيها بمعيار مادي جشع وبدون خلق
رباني حسن.....
وصباحكمZain
وصباحكمZain
0 comments:
إرسال تعليق