قديما كانت الأعراب تختار مساكنها بالقرب من مسالك السفر وشعابها
بين القري طمعا في قري ( بكسر القاف وفتح الراء والياء) الأضياف... ولم يكن يمر
بهم عابر سبيل دون أن يتذوق من قراهم ( كرمهم) شيئا... وقد إشتهر منهم بذلك حاتم
الطائي.....
كنت جالسا مع جدتي رحمها الله وأحسن إليها وهي ( تنقي) الفول
السوداني كعادتها عند الظهيرة تهيئة لقليها مساءا ... وكنت أمد يدي بين الفينة
والأخري لأخذ شئ منه وتقشيره مساعدة لها وهي لاتفتأ تروي لي من مخزونها التراثي
ماعظم وندر من الحكايات.... وتقطع حديثها السلس بين الحين والآخر قائلة ... كر ...
كر .... تنتهر دجاجة إقتربت منها لخطف حبات الفول التي تفلت من بين أصابعها.....
وفجأة إشتبك بالقرب منها فروجان من دجاجها في عراك مميت.... ولم
تحرك ساكنا لفض نزاعهما .... بل جعلت تبتسم وتنظر مليا ناحيتهما ثم إلتفتت نحوي
حين هممت بالتدخل لفض هذا العراك وقالت..... تواري ... تواري.... أي دعهما ...
دعهما.... فتساءلت متعجبا.... نا...؟
أي لماذا ...؟
أي لماذا ...؟
فصمتت برهة قبل أن تقول لي... إعلم يابني أن الكرم منازل وأنه مثل
بئر الماء كلما طال به الأمد عمق ماؤه وغار ... وصعب الوصول إليه والتمتع
بلذته.... فيوم كنا صغارا يابني كان آباؤنا يأتون بكوول بردي ( ثور خصي) يربي
خصيصا لسنين عديدة.... فيرسلون لأقربائهم مهما بعدت مسافتهم .... وحين يجتمعون
يذبحون هذا الثور فيطعمونهم من لحمه....
وكان الضيف الغريب إذا وفد لايبرح دارنا إلا بعد أن يذبح له تيسا
من الغنم ترحابا به......
ثم تضاءل هذا الأمر حين عرف الناس طريق السوق فبيعت الثيران ولم تبق إلا التيوس فكنا نقري بها الضيوف العظام دهرا.....
ثم إختفت التيوس حين فتحت الجزارة بالقرية وصار الناس يوزنون اللحم وزنا لبيعه بدلا من تكويمه ومنحه منحا......
ثم تضاءل هذا الأمر حين عرف الناس طريق السوق فبيعت الثيران ولم تبق إلا التيوس فكنا نقري بها الضيوف العظام دهرا.....
ثم إختفت التيوس حين فتحت الجزارة بالقرية وصار الناس يوزنون اللحم وزنا لبيعه بدلا من تكويمه ومنحه منحا......
ثم صمتت جدتي برهة وأعقبتها بنهرة لدجاجة أجترأت لخطف الفول من
يدها.... وقالت:
أتدري لم منعتك من فض الديكة( جمع ديك) من عراكها ....؟
فقلت ... لا.
فقالت.... قديما كانت الديوك لا تصارع بعضها إلا إذا شعرت بوفود ضيف.... فهي تتنازع في أحقيتها في الحياة قائلة لبعضها.... لسوف يتم ذبحك أيها النحيل لإكرام الضيف القادم ... فينتفض الآخر مدافعا عن نفسه وإنه لن يروح ضحية لكرم صاحبه إلا بعد أن يصبح سمينا يفي بالغرض... وهكذا....
أتدري لم منعتك من فض الديكة( جمع ديك) من عراكها ....؟
فقلت ... لا.
فقالت.... قديما كانت الديوك لا تصارع بعضها إلا إذا شعرت بوفود ضيف.... فهي تتنازع في أحقيتها في الحياة قائلة لبعضها.... لسوف يتم ذبحك أيها النحيل لإكرام الضيف القادم ... فينتفض الآخر مدافعا عن نفسه وإنه لن يروح ضحية لكرم صاحبه إلا بعد أن يصبح سمينا يفي بالغرض... وهكذا....
ثم إبتسمت جدتي وقالت.... وحتي هذا العراك الهزلي أصبح نادرا في
أيامنا هذه نتيجة إرتفاع سعر الدجاج بالسوق..... ولكن إرتفاع السعر لايعد شيئا
جميلا من الناحية الإجتماعية ذلك أن الناس قد يوصمون بالبخل والشح لعدم إكرامهم
الضيف ولو بلحم كورديلي ( ديك)....
فضحكت قائلا.... ياحبوبة ... لحم الديك دا بقي حاجة فاخرة مابتتلقي
إلا في بوفيه رئاسة الجمهورية والفنادق فئة الخمسة نجوم بالعاصمة.....!
فقالت متعجبة.... أها والضيوف خليتو ليهم شنو في البيوت....؟
فقلت لها وأنا أنسحب متواريا.... والله ياحبوبة إلا كن كباية الشاي ......
فقالت عابسة....أجي...
فقلت لها مداعبا... لا لا ياحبوبة ماتجي... لكن أنا بجي...... وكنت واضعا في ذهني أن مجيئ لابد أن يقابل بلحم كورديلي كما هي عادة جدتي عند إستقبالها لنا بمنزلها العامر (بالديوك).
فقالت عابسة....أجي...
فقلت لها مداعبا... لا لا ياحبوبة ماتجي... لكن أنا بجي...... وكنت واضعا في ذهني أن مجيئ لابد أن يقابل بلحم كورديلي كما هي عادة جدتي عند إستقبالها لنا بمنزلها العامر (بالديوك).
التحية والتجلة لكل حبوبة وحبوب ( علي وزن دبابة ودباب) ....
وصباحكم Zain
وصباحكم Zain
0 comments:
إرسال تعليق