728x90 AdSpace

اخر الاخبار
الثلاثاء، 30 مايو 2017

القطر ...


إخوتي... لنركب القطر فقد حان موعدنا معا لنغادر إلي محطة الوحدة...!
القطر أو القطار عزيزي القارئ رمزية تعاملت معها مختلف أنواع المفكرين في مجالات عدة كالفن الغنائ والدراما والفن التشكيلي وحتي في مراسم الزواج...!
ولاننسي تعامل الناس بهذه الرمزية في مخاطباتهم النثرية والأحاديث العادية حيث يعبرون بها في وصف مراحل عمرية فيقولون فاته قطار الزواج ،أو لم يدرك قطار النضج بعد وقد يعبرون بها فيقولون نركب قطار كذا معا... فما القطار ولماذا القطار دائما..؟
إعلم عزيزي القارئ أن القطر أوالقطار ماهو إلا كتلة من الحديد تسير علي سكة من الحديد تخذته الناس وسيلة للنقل والمواصلات وقد أثبت القطار جدواه في أداء عمله في جميع أصقاع المعمورة وفي مختلف البيئات والتضاريس وخدم في نقل المؤن والأغذية والناس والحيوان والجماد والغاز والسوائل والمواد الصلبة...!
وقد إتخذ القطار أهميته من حيث إمكانياته الهائلة في نقل كميات مهولة من المواد عابرا بها مساحات واسعة من الأراضي المتباينة في تضاريسها وقد أثبت مقدرته وأهميته علي مر الدهور حتي إنه عندما أهملته السلطات في السودان وتوقف عن العمل لم يجدوا له بديلا يؤدي عمله الضخم فأطلقوا شعار( لابديل للسكة حديد إلا السكة حديد) مشيرين إلي عدم وجود ند للقطار في باقي وسائل النقل والترحيل...!
في صغرنا كنا نهتم كثيرا ونفرح عندما تأتي فترة العطلة ونعتزم السفر لزيارة الأهل بالبلد... وكانت وسيلة سفرنا هي القطار... فكنا نبادر بالحضور لمحطة الخرطوم الكبري للقطارات مبكرين حيث أمواج من الكتل البشرية والعتاد تتحرك جيئة وذهابا علي جانب الخط الحديدي النظيف... وفجأة يعلن القطار خروجه من ورش الصيانة بصافرة حادة ودخان أسود وهدير ماكنته البخارية التي تشبه إحتكاك كتل حجرية ضخمة مع بعضها...!
وبإتخاذ القطار بعرباته الطويلة موقعه علي الرصيف تندفع الكتل البشرية مسرعة وتلج بداخله في دقائق معدودة تصبح بعدها ساحة المحطة شبه فارغة إلا من المودعين الذين يغادرونها وهم في أسي وحزن شديد لمفارقة أعزائهم ومنهم من يذرف الدمع بغزارة حزنا لهذا الموقف...! 
وكنت تري الأيدي تلوح مودعة من خلال نوافذ عربات القطار ولكن حال راكبي القطار مغاير لحال من بالأرض فهم فرحون بإمتطاء هذا المارد الحديدي الجبار الذي يعلوا هديره وهو يغادر المحطة...!
وما أن يأخذ الركاب المغادرون أنفاسهم بعد لحظات الوداع المعبرة حتي تجدهم يلتفتون علي حولهم باحثين عن جيرانهم بالعربة( القمرة) وسائلين عن هويتهم للتعارف... وبعد مضي بضع ساعات يخرجون مخزونهم من الطعام المحمول ويتشاركون في تناوله بوئام كأنهم كانوا علي صلة منذ أمد بعيد... وتبدأ الإلفة وتبني الصداقات ويمتلئ جو العربة بالسمر ومايزالون في غفلتهم هذه حتي يعلن القطار دخوله مدينة جديدة مطلقا صافرته فينتبه الناس لمعرفة الجديد في (خارطة الطريق)... فيهدأ القطار في مسيره ويطلق زفرة قوية معلنا معلنا عن توقفه بالمحطة فيتململ الناس في مجالسهم ومنهم من ينزل للتزود بالغذاء ويشبع فضوله من المعرفة ومنهم من يكتفي بالإطلال من النافذة تكاسلا ولكنه يلبي نداء شغفه وحب التطلع.... وهكذا تستمر رحلة الأميال الطويلة ليلا بنهار دون أن يفتر القطار أو تتمرد محركاته عن العمل... وبعد حين تسمع همسا من خبراء الطريق ومرتادي السفر ومحبيه أن نهاية السفرية قد آن أوانها وأن القطار علي بعد كذا من( الفراسخ ) من مدينة كذا ونهاية الخط فتسري في أبدان الناس موجة نشاط وإن كانوا يشعرون بالحزن لفراق بعضهم وقصر صداقتهم علي متانة أواصرها فيتواعدون علي المراسلة وتبادل الأخبار... ومنهم من تتباين مشاعره بين حزن عميق لفراق من ألف وفرح أعمق لقرب لقاء الأهل والأحباء...!
عزيزي القارئ ذاك كان حال قطارنا بحديده ولحمه وشحمه وحال الناس علي متنه فكيف هو حال من يتخذونه رمزا ويحيون برمزيته علاقات إجتماعية منها ماهو جاد وما كان في هزل... ولكن رمزيتي هذه المرة من الجدية بمكان فقطاري يرمز للوحدة في ظل ظروفنا الآنية فدعونا ننبذ شتاتنا ونركب قطار الأنشو قبل مغادرته المحطة
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: القطر ... Rating: 5 Reviewed By: nietomaga.blogspot.com