الحكامة وأثرها في المجتمع (٣) ،،،

بالأمس وقبله تناولنا عزيزي القارئ أحد أدوار الحكامة في المجتمع وكيف أنها تؤثر في عقول وتفكير أفراده مما يجعلهم يتخذون منهجا جديدا في حياتهم قد يكون إيجابيا أو سالبا.... وقد عرضنا بعضا من الأوجه الإيجابية وناقشناها بالنقد والتحليل إلي أن إنبري لنا الصديق سيليا وتفضل عرضا بذكر أحد الأوجه المغايرة التي تنتج من تأثير الحكامة علي المجتمع وهي الناحية السالبة لتصرفات أفراد المجتمع ....!

وأذكر أنه في ستينات القرن الماضي إنتشرت بين الأونشو أغنية تقول في إحدي مقاطعها:
سجار أبونخلة بينور أوقوتيري...
أولادنا سيريني موجالي إليندي..
قادم كوتا قيديالي....
والمعني.... أيتها السجارة أبونخلة( ماركة سجاير كان سائدا حينذاك)... أجعليني من بين متعاطيك من الشباب فقد أضحوا جميعا متعاطين لك ولم أجد مجالا ولذا تقدمت بعريضتي وقيدتها كشكوي قضائية.....

أنظر لهذه الحكامة من كثرة تشوقها لكل جديد من الظواهر تمجد تدخين التبغ (السجاير ) كنوع من التمدن والرقي الإجتماعي.... ولو توقف الأمر عند هذا لكان سهلا ولكنها تمادت في المرافعة القانونية بحثا عن تشريع قضائي يتيح لها أن تكن من المدخنين فقبل ذلك لم تكن النساء من ضمن المتعاطين للتبغ.... ولكن من يومها أضحت ظاهرة التدخين بين النساء منتشرة خاصة لدي ( المشاطات وستات الظار ).... ومن ثم هرع الشباب إلي إدمان هذه العادة ... وكان نتاج ذلك أن ظهرت أسواق بيع الذرة والبهائم وأضحي الغالبية من الناس يبيعون مالديهم لحيازة المال الذي يشترون به التبغ والتلذذ بتدخينه تاركين أولادهم عالة علي الناس.... ولأول مرة أصبحنا نري مخلفات التبغ وعلب السجاير الفارغة ملقاة علي قارعة الطريق فأصبحنا نعرف أن هناك أصنافا تسمي:
أبونخلة
أبوقندول
برنجي
بنسون
روثمان
كنت
زنوبيا
مارلبورو
كليوباترا
نفرتيتي
دينار
و.... و... وإختلط الحابل بالنابل وتلتها المخدرات وحبوب الهلوسة وهلمجرا..... وإنتشر الفساد في البر والبحر وتفككت الأسر وتخلخلت المجتمعات.....!

من هذا السرد ذي المغزي عزيزي القارئ نقف علي أن للحكامة أحيانا تأثيرا سالبا في توجه المجتمع نحو إتباع بعض الظواهر التي تمجدها الحكامة وتمتدحها دون دراية منها بآثارها ومضاعفاتها السالبة نحو المجتمع المعافي فتكون لهذه الظواهر عواقب وخيمة ليس علي الأفراد فحسب بل علي المجتمع ومن ثم الدولة..... ودونك وأغنيات الريقي للجامايكي بوب مارليBob Marley التي كانت تروج للعطالة وتعاطي المخدرات كالماريجوانا وتمشيط وفتل شعر الرأس والتي كان نتاجها ظهور جيل بنفس النسخة الكسولة القانعة الغير فاعلة في المجتمع ولانري لهم فائدة وهم أنفسهم خجلون مما يفعلون ولكنهم رغم ذلك (في غيهم يعمهون) .....

وربما يتبين لنا واضحا مانراه من تأثر الجيل الحالي بالثقافة الغربية التي يلعب الفنانون الدور الأكبر في الترويج لها بأغنياتهم ..... وقديما راجت بالخرطوم أغنية ظريفة تقول في إحدي مقاطعها:
يالماشي لباريس
جيب لي معاك عريس
شرطا يكون لبيس
ومن هيئة التدريس....
فإرتفعت أسهم المعلمين والأفندية ( المغتربين) وأصبحوا في مقدمة المفضلين كعرسان وحطموا الأرقام القياسية في الفوز بقلوب الحسان... ومن يومها ظهر مصطلح ( العزابة) وإنتشر في الفئات الأخري من موظفي الدولة ك( فاقد إجتماعي)....

عزيزي القارئ ذلك كان أحد نماذج التأثير السالب للحكامة في المجتمع ينتج من جراء تناولها لظاهرة ما بالمدح ويتبعها الغاوون دون دراية بنواتج الإنجراف وراء ( الموضة) التي قد تكون في غير فائدة الفرد والمجتمع.... وغدا بإذنه تعالي نتناول الجزء الأخير والخطير لأثر الحكامة في المجتمع فكن بخير.... وصباحكZain.

جديد فنون 11:26:00 ص