نهاركم
سعيد... ورمضان كريم... البوراس الأثيوبي.... هو ببساطة الأسم الآخر للشجرة التي نسميها
بالعامية شجرة( الدليب)... تلك الشجرة السامقة التي ( أصلها ثابت وفرعها في
السماء) والتي تقف صامدة أمام أعتي الرياح لاتنحني لها.... وهي من
الأشجار المعمرة وذات الفوائد العديدة ... وقد إنتشرت بمناطق جنوب كردفان ذات
البيئة الجبلية وإدي إنتشارها إلي تسمية مناطق بإسمها فنجد قري دليبة، ودليباية ،
وخور دليب ، وحجر دليب وغيرها.....
وشجرة
الدليب تذكرني دوما بقريتي العظيمة( كلاندي) في عز مجدها وإستقرارها.... إذ كانت
تميزها حينئذ أشجار الدليب السامقة رابضة في غربها حيث العد ( بكسر العين) وكانت
تري من علي البعد لعلوها عن غابة من أشجار الحراز تحيط بها...!
وكنا في
مثل هذه الأوقات والخريف يزحف حثيث الخطي ليغمر الأرض بخضرته... كنا ننصت ونسترق
السمع من داخل البيوت مساء حين يصفو الجو فنسمع دويا مميزا لسقوط ثمارها من علي
بعد أميال فنهرع مسرعين إلي حيث نتوقع مسقطها في سباق (مارثون إختراق الضاحية)
وكان الفوز من نصيب من يجد الثمرة أولا....
وكنا نفوز
بثمار ذات فلقة ومثني وثلاث فلقات وكنا نسميها إصطلاحا أبو واحد وأبو إتنين وأبو
تلاتة.... ونعود بها يغمرنا الفرح ... وربما فاجأنا دوي آخر قبل وصولنا فنعيد
الكرة مسرعين....!
الأونشو
يسمون الشجرة (جآد) وكذلك ثمرتها.... ولها عندهم إحترام وقدسية ... فهم إذا وجدوها
نمت في الخلاء أنشأوا حولها مزارعا وحقولا وربما أقاموا حولها مساكنا وبيوتا
وأسموا القرية تيمنا ب( دليبة/ جاندو أتو / جاندو أروم) .... ولا يقومون بقطعها
أبدا ولم أر بحياتي من قام بهذا الفعل ألبتة.....!
ولقد ذرفت
الدمع مدرارا يوم زرت قريتي ومهد صباي ( كلاندي) فوجدتها خالية من أشجار دليبها
التي إجتثت من أصلها وزرعت مكانها الألغام.... ولم تفلح
جهود منظمة الDDR في إغراء الناس بالعودة لأطلالها.... لا لأنهم
يخافون من الألغام ولكن حزنا عليها من إجتثاث دليبها وتركها عارية..... ويومها
أنشدت قول عنترة: هل غادر
الشعراء من متردم... أم هل عرفت
الدار بعد توهم.... ولم أستطع
إكمال القصيدة لعبرة أصابتني كما أصابت أدهم عنترة يوم كثرت في عنقه رماح القوم (
الحكومة/ الحركة) كأنها أشطان بئر في إحدي آبار كلاندي وعدها( مجمع آبارها) في عز
مجدها..... فهمست في صوت خافت ... وادليباه .... واوطناه ...
0 comments:
إرسال تعليق