الحلبا ترايد ...

صباحكم زين...

... الدواء أم الإيحاء ...

في ستينات القرن الماضي ونحن عندئذ مازلنا زغب الحواصل( صغار سن) كنا نري الناس يتداولون عقارا طبيا في شكل حبوبTablets تسمي إختصارا بحبوب السلفا وكانت تلك الحبوب حبوبا (شاملة) العلاج عند الأهالي يومها... أي أنها كانت دواء لجميع أنواع الأمراض من جروح سطحية لحروق جلدية وحساسية ونزلات برد ونزلات معوية(إسهالات) والحميات علي إختلافها وكثير من العلل... وكان أهلنا الأونشو يسمونها حسب لسانهم ... (سولفي).... ويقدرونها تقديرا عظيما.
والطريف أن حبوب السلفا هذه علي شموليتها كانت تتميز بأنها صالحة للأبد ( Endless) أي غير محددة بتاريخ صلاحية.... ويمكن تخزينها لأي زمان وفي أي مكان ( تقول شريحة أريبا).... والشاهد أننا كنا نراهم يربطونها في خرقة بالية أو يضعونها في قرطاس ورق ( ورقة من صحيفة مثلا) ويخزنونها في أي محل حتي ولو بين (قش القطية) أو تحت العنقريب فلاتتأثر بالحرارة العالية أو الرطوبة الشديدة والإبتلال، وكانوا ينسونها دهرا من الوقت حتي يأتي طارئ طبي لها فيلهثون في البحث عنها حتي يجدونها وقد إصفر لونها من القدم بعد أن كانت ناصعة البياض سابقا....

كما وأذكر أنها كانت من نوعFree for all ... بمعني أنها كانت تمنح بأريحية من الكل ولذلك لم تكن بالناس حوجة لمقابلة الطبيب لصرفها فهي موجودة عند أقرب جار.... وكنا لهذا نبعث عند الجيران للأتيان بحبة واحدة منها فكنا نطوف القرية سائلين في المنازل ( قالوا ليكم كن عندكم حبوب سولفي أدونا حبة عشان فلان عيان).... هكذا بكل براءة وبساطة وكأننا نسأل عن إحدي الأبيضين.... الملح أو السكر وليس عقارا طبيا له شأن عظيم.....

وإذا إجتمع القوم وشكا أحدهم من علة ما بجسمه أشار عليه الجميع بحبوب السلفا ( دون تحديد الجرعات) فيرسل إليها في الحين عند أقرب جار فيعطيها له فيبرأ بإذن الله ويصبح من المروجين لفوائدها والناصحين بتداولها .... وتلك لعمري من غريب الأحداث التي علقت بذهني ... ويوم كبرت إنقرضت حبوب السلفا ولم أجد لها خبرا ألبتة....

مادعاني لذكر حبوب السلفا هذه ... ( طيب الله ثراها) ... هي أنني ذهبت منذ فترة لمقابلة الطبيب إثر حمي ألمت بي فتم أخذ عينة من بولي ودمي... وكانت نتيجة المعمل التي أعطيت لي أن ... No malaria فوصف لي الطبيب ( بغرابة) شراب كحة، ومضاد حيوي للأطفال، وحبوب بنادول....( تخيلوا).؟؟؟؟

ولأني إنسان مسكين ذهبت فرحا بهذا المزيج الغريب من الدواء فإحتسيت جرعات الدواء لمدة خمسة أيام وإزدرت الكبسولات وكل حبات البنادول علها تساعد علي إزالة الحمي ولكن... النافع الله.

وبدلا من زوال الحمي بدأت إضطرابات شديدة تظهر بالأمعاء وأخذت في الإسهال يوميا وبشكل منتظم عند الصباح، وأخذت تظهر بعض آثار الحمي في أنحاء فمي في شكل حبيبات تخلف قروحا.... ولخوفي من العودة لطبيب التأمين الصحي مرة أخري بقيت منتظرا صابرا محتسبا... من باب أن المؤمن ( لايلدغ من جحر مرتين) ...
وبالصدفة زارتنا إبنة أختي وهي طبيبة فحكيت لها عن ماحدث فإستغربت لوصفة الدواء التي أعطانيها زميلها.... ثم حكيت لها عن المضاعفات التي نتجت فقالت لي كلاما بعبارات طبية لم أفقه منها إلا عبارة( ربما هي أعراض إلتهاب مصران).... لاحول ولا قوة إلا بالله ... حكمتك بالغة.... حسبي الله ونعم الوكيل... الصبر قاسي.... وفكرت في كتابة وصيتي للورثة... وجدولة ديوني .... ولكنها ضحكت وطمأنتني وقالت :
ربما كانت هنالك ملاريا (وإنكفت) للداخل وأتت بهذه الأعراض فلاتخف ولاتتعجل النهاية هكذا....

وبعد حديثها هذا نصحتني بمقابلتها بعيادة التأمين الصحي للفحص والعلاج.... فقلت لها بكل جرأة وصراحة.... يابتي كفاية علي حمة الملاريا ومافي داعي ترفعي حرارتي بذكر ناس التأمين....
ثم إني وبناء علي نصيحة البعض من المجربين بدأت بأخذ جرعات من الحلبا بشكل يومي صباحا علي الريق ، ونهارا ، ومساءا عند النوم ... وداومت علي ذلك فزالت آثار الحمي وتوقف الإسهال فحمدت الله علي ذلك وصرت من يومها أحد مروجي ومناصري العلاج ب( الحلبا) ....
علما أن للحلبا إستخدامات علاجية (شعبية) أخري وأنها تساعد علي علاج الكثير من العلل الجلدية والباطنية وأطلقت عليها إسم (حلباترايد) إقتباسا من الإسم الطبي لحبوب السلفا ( سلفاترايد).... لأن لها نفس الخاصية فبالإمكان تخزينها في أي مكان وأي زمان ولا تتأثر بعوامل تغير عناصر الطقس ... وهي... Endless ومتوفرة عند الجميع ... وتمنح بأريحية من الجميع... وإتضح أنها تعالج الكثير من العلل فهي( F F A) أي Free for all ........ صحة وعافية
وصباحكم Zain

امراض وعلاج جديد Slider 7:49:00 ص