728x90 AdSpace

اخر الاخبار
الجمعة، 18 نوفمبر 2016

حمدان أبوعنجة والجهادية السود(4)


أشرنا فيما سلف أن الكجور ترونق إستشاط غضبا لعودة رسوله فارغ اليدين من لدن كجور بول محملا بسخريته وعدم إحترامه لنبؤة ترونق الذي دعا عليه بكارثة تحل بقومه حتي يقتات الناس من جرائها من الجلود... وهذا ما كان...!
ففي صبيحة يوم من الأيام فوجئ الناس بجند المهدية يحيط بالجبل ولولا مناعته وإرتفاع حوافه لهجم الجيش علي ساكني القرية وهم نيام...!
علي أن تلك المنعة لم تشكل عقبة أمام دهاء صاحبنا كودركوندو الخبير بالمنطقة حيث أشار علي الأمير وادي سما( عبدالصمد) بسد المعبرين المذكورين سابقا وهما كولالامبور... وأورتومبور... وبذلك أصبح كجور بول ومن معه محصورين تماما داخل القلعة الطبيعية المسماة توما...!
ولضيق المعبرين لم يستطع جيش المهدية دخول توما كما لم يستطع كجوربول وقومه الفرار أو اللجؤ إلي أية منطقة وبدأ الحصار وأخذ كجور بول وقومه يناوشون جند المهدية من وراء (البريل) وهي تروس من الحجارة( جمع ترس بفتح التاء) حيث إنهم أقاموها لصد ضربات الرصاص ومنع هجمات الخيل التي يقوم بها فرسان المهدية ( تلك التروس موجودة إلي اليوم)...!
إستمر الحصار شهورا وجيش المهدية لم يدخل القرية ولا إستطاع بول أن ينجو بقومه أو حتي أن يتلقي دعما من جهات أخري فساء حال الناس حيث نقصت المؤن ونفقت البهائم داخل زرائبها إذ خاف الناس عليها من السرقة فحبستها ولم تعلفها... ومن أين لهم بالعلف في ظل هذه الظروف... وتحققت نبؤة الكجور ترونق إذ لم يجد الناس بدا من أكل (الميتة والمتردية والموقوذة وماأكل السبع)... ولاحرج فهم في حالة حرب وحصار خاصة وإن نائب الأمير "وادي سما" قد بدأ يغير علي المناطق المجاورة والتي كان كجور بول يتوقع أن يأتي الدعم منها مثل منطقة كويلا، ومنطقةشنقل ، ونارنقولر ... كما إعتزم غزو جوكوندوا معقل الكجور ترونق صاحب النبؤة...!
وبعد أن بلغت الروح الحلقوم ورأي الكجور بول مايحل بقومه وعلم أنه لابد فاقدهم سواء بالطعان أو الإذعان فكر وقرر ألا بد من الإستسلام... فأعلن أهله وتقدم مع ضيفيه كوركيلي وإبنه وبدأ الناس في التوافد حيث لاحت الفرصة السانحة لجند الأمير أبي عنجة في ممارسة عبثهم...!
أضاف محدثي أنه في ذلك الحين وفي منطقة أخري بعيدة حدثت مواقف عجيبة مع شخص آخر.... ذلكم الشخص هو الكجور أونبيل زعيم جبل نيجا الذي تشتت قومه بعد الهزيمة التي تلقاها من جيش المهدية حيث أسر الشباب وقتل آخرون ولجأ الكثيرون إلي الكانقيل( الكهوف)... وكانت أسرته منهم وبعد إنجلاء المعركة تفقد أسرته فلم يجدها فذهب إلي بيته ليجد زوجته ولكن لا أثر لأبنائه... وهنا بدأت زوجته بالنحيب والثكل الشديدين إذ كانت تحب أبناءها كثيرا ولم تصدق أنها ستفارقهم يوما ما... وفي غمرة حزنها عليهم إشترطت علي زوجها عدم دخول البيت إلا وأبنائها بصحبته( وكان يحب أبناءه ويخشي بأس زوجته كثيرا).... فخرج ناويا أن يلحق بجيش المهدية حيث ظن أن أبناءه مأسورين هناك...!
سار الرجل متتبعا أثر جيش المهدية حتي وصل جبل توما حيث وجده خرابا تنعق فوق صخوره الغربان وأخبره من بقي من الناس وجلهم من كبار السن والعجزة أن جيش المهدية قد غادر إلي منطقة البقلتي فسار ميمما شطرها حتي وصلها والناس نيام...!
.... ومن غرائب الأمور وعجائبها أن أبناء الكجور أونبيل المسكين لم يكونوا من ضمن القتلي أو المأسورين... فقد إتفق أنهم لجأوا أثناء المعركة إلي كانقا( كهف) وظلوا فيه نائمين من التعب ولم ينتبهوا إلي الناس وهم يعودون لبيوتهم بعد إنجلاء المعركة إلا في وقت متأخر فعادوا ولكن بعد ذهاب والدهم ... ولو صبرت والدتهم قليلا لألمت بهم ولم تفقد والدهم الذي كما أسلفنا كان قد وصل معسكر جيش المهدية في البقلتي وأصبح أسيرا من تلقاء نفسه ورفيقا لإخوانه كوركيلي وبول وآخرون...!
في ذلك الحين تواردت الأنباء في عاصمة المهدية أم درمان أن الإنجليز يعتزمون غزو السودان إنتقاما لمقتل الحاكم غردون باشا بالخرطوم وأن الإنجليز في سبيل ذلك قد أرسلوا مقدمة جيشهم علي متن بواخر نيلية مسرعة متجهة نحو أم درمان....!
وذات صباح فوجئ الأمير حمدان أبوعنجة برسول الخليفة عبدالله التعايشي يدخل مسرعا إلي مجلسه وفي جعبته أمر من الخليفة أن أسرع بجيشك إلي البقعة( أم درمان).... ونواصل لاحقا.
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: حمدان أبوعنجة والجهادية السود(4) Rating: 5 Reviewed By: nietomaga.blogspot.com