،، كسوف عام1952 ،،

أونشو ... كنكوجركوو ..؟

سبحان الله ... لم أر بحياتي قوما أجمعوا علي أمر ما إجماع الأونشو علي ظاهرة كسوف الشمس في العام 1952...
ورغم أن كسوف الشمس ظاهرة فلكية عادية تحدث مرارا حين يتوسط القمر بموقعه بين الشمس والأرض ويقع ظل القمر علي الأرض حاجبا وقوع ضؤ الشمس عليها فتحدث ظلمة تقلب النهار ليلا.... إلا أن لهذا الحدث وفي ذاك العام حصريا عند الأونشو أهمية عظمي حيث أصبح مرجعا وتقويما لديهم.

وحسبك أن تجد مجلسا من الأونشو مكونا من كبار السن إلا وتجدهم يؤرخون لأحداث زمانهم بالرجوع لذلك الحدث... ففي يوم 1/2/1952 أظلمت الدنيا وإنقلب النهار ليلا نتيجة كسوف كلي للشمس عم رقعة كبيرة من أجزاء السودان وخاصة منطقة جبال النوبة... وخاف الناس خوفا عظيما لهذا الحدث الذي لم يروه من قبل وساد الهرج في أوساطهم لفترة من الزمان ظنوها دهرا ثم إنقشعت شمس النهار مبشرة بأن لاخطر علي حياة الخلق من هذا الحدث الطارئ ومنذ ذلك اليوم رسخ في أذهانهم ولم ينسوا ذاك اليوم أبدا...

ومنذ ذاك اليوم إعتاد الأونشو علي تأريخ الأحداث التي وقعت في فترة منتصف القرن الماضي بربطها بكسوف عام1952... وكثيرا مايحدث أن يتغالط إثنان في تأريخ حدث ما ... فيقول أحدهما للآخر ... متي كان هذا الحدث... قبل أم بعد (أن أظلمت نهارا) .... أي كسفت الشمس..؟
فيرد الآخر... لقد كان ذلك بسنة قبل ( أن أظلمت نهارا) .... أي يقصد سنة1952... ونعلم بالمقارنة أن حدثهم هذا كان في العام1951.

الطريف أن تيم السجل المدني يوم أتي البلد لإستخراج شهادة الرقم الوطني للناس فوجئ بالأمر ، فقد دهش الضابط المتحري وهو برتبة نقيب شرطة... دهش كثيرا وإستغرب من إجماع الأونشو وخاصة كبار السن دون سائر قبائل المنطقة علي ربط سني ميلادهم بحادثة كسوف شمس عام 1952... وإنه بسؤال أي فرد منهم يرد قائلا... كان مولدي بعد حادثة الظلام بسنتين... أو قوله... يوم أظلمت نهارا كنت أسرح ببهائمي في الوادي وكنت إبن ثمانية سنين مثلا... فيكتب المتحري في خانة عمره بالأورنيك أن المذكور من مواليد 1944... أو يقول ... لم أولد إلا بعد ثلاثة سنين من تلك الظاهرة ... فيكون تاريخ مولده هو عام 1955 مثلا...

والأطرف من هذا أنني شخصيا كنت برفقة والدتي بمكاتب السجل المدني بالدلنج لإستخراج شهادة الرقم الوطني لها... فسألها الضابط مبتسما بعد أن إتطلع علي بيانات إستمارتها وعرف أنها من الأونشو.... ياخالة إنتي إتولدتي قبل ما الواطة (الأرض) تضلم.... ولا بعديهو...؟
فردت والدتي بثقة : أنحن اليوم داك كنا صغار قاعدين مع حبوبتي في البيت... وفجأة إنقلب النهار ليل والوطة ضلمت وخفنا وجرينا دخلنا في حضن حبوبة... وهي لمتنا وقالت... وووب علي ... الوطة ضلمت وأبهاتكم مافيشين... هسي نعمل شنو ...؟
وتبسم الضابط وسألها ... أها ياخالة... الوكت داك إنتي سنونك إتكسرت ولا لسع ...؟
فردت الوالدة... لا لا ياولدي... أنا كسرت سنوني بعد داك بخريفين...
فكتب الضابط في خانة ميلادها إنها من مواليد عام1947... أي أنها كانت في عمر الخامسة يوم حدوث الكسوف... والمعروف أن الأسنان اللبنية تبدأ بالتكسر في سن السابعة عند غالب الأطفال..

وهذا مثال واحد لعدة أمثلة يربط الأونشو بها حادثة كسوف عام1952 ويؤرخون بها لأيامهم... وذاك لعمري منتهي الدقة والضبط لأحداث الزمان عند الأونشو... وهم يصطلحون علي تسمية ذلك الزمان ب( توب أورينقيمي نيينق) أي يوم أظلمت الأرض.... وهم بذلك يعنون ذلك اليوم تحديدا ( الأول من فبراير 1952)... وليس أي يوم آخر كسفت فيه الشمس .... علما أن ظاهرة الكسوف الكلي للشمس التي حدثت في ذلك العام كانت في عام1371 هجرية.
وصباحكم Zain

جديد ظواهر طبعية Slider 8:37:00 ص