728x90 AdSpace

اخر الاخبار
الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

كلام تا إنت ....

عزيزي القارئ أثار أصدقاء كوجينقلي بالأمس موضوعا غاية في الأهمية يتعلق بصناعة اللغة ومفرداتها خاصة في هذه الأيام التي إختلط فيها الحابل بالنابل لمحدودية الرقعة التي نعيش عليها بفعل ماأحدثته وسائط التواصل الإجتماعي والإتصالات وجعلت العالم كغرفة صغيرة يجلس داخلها الكل وليس كقرية صغيرة كما كان سائدا في القرن الماضي......!
إعلم أن صناعة ونشؤ بعض المصطلحات اللغوية ومفرداتها مردها هو إحتياج الإنسان لبعض الخصوصية في البيئة التي يعيش فيها بعد أن إزدحمت بمختلف صنوف البشر وتباينهم ولحوجته لتلك الخصوصية إحتال إلي إبتكار بعض المفردات التي تساعده علي التواصل مع رفقائه بمأمن من الغير والذين يعدون من الخصوم والأعداء......!
وحتي لانخلط بين خصائص هذه اللغات الخاصة ولغات أخري تشابهها وإن كانت أسباب نشوؤها مغايرة ومفرداتها مختلفة إلا أن لها خصوصية أيضا تحسب لجهة بعينها..... ولنعرف أكثر عن ذلك دعونا نعرفكم بما في جعبتنا عن هذا الأمر فأفيد بأن أي لغة في العالم تنقسم إلي أربعة فروع هي:
‏١/ لغة فصحي..... كلغة القرآن في العربية.... وهذا هو كلام الله المنزل ولا دلو لنا فيه وكفي بقول الله فيه ( لسان الذي تلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)..
‏٢/ لغة عامية أو دارجة .... ويسميها الإنجليز ‏Slang‏ وهي لغة يستخدمها سكان المركز في أي دولة ويفهمها كل مواطنو هذه الدولة.....
‏٣/ لهجة .... وهي عامية خاصة بسكان رقعة جغرافية من البلد الواحد تنطق فيها بعض الأحرف بنبرة مختلفة أو تظهر بعض الأحرف بجرس مختلف أو تقلب بعض الأحرف.... مثال لهجة الشايقية أو عامية كردفان أو دارجة دارفور ويمكننا إضافة عربي جوبا..... ويسميها الإنجليز ‏Accent
‏٤/ أما الصنف الرابع من اللغات فهي لغة محلية تستخدم فيها نفس مفردات الفصحي أو عامية المركز ولكن بمعني مغاير تماما لمعناها الأصلي أي هي لغة متفرعة من عدة لغات وقد تكون المفردات الجديدة هنا هجينا من العربية والإنجليزية .... أو الإنجليزية والفرنسية .... وربما الإيطالية والإسبانية.... وقد أطلق عليها الإنجليز إسم ‏Dialect‏ .... وغالبا ماتختص هذه اللغة بأهل صناعة أو طبقة إجتماعية ما ..... وهذا الصنف هو من نوع موضوعنا اليوم فإلي مدارج الموضوع....
عزيزي القارئ في نهايات القرن السابق وكنتيجة لحدوث بعض التغيرات الإقتصادية والإجتماعية بالسودان إنقسم المجتمع السوداني إلي طبقات متباينة لها أنماط معيشية مختلفة حيث ظهر إستخدام مصطلح الريف والحضر بناءا علي النمط المعيشي لكل فئة فإنغلق مجتمع الريف علي نفسه محافظا علي إرثه الإجتماعي والثقافي بينما إنفتح مجتمع الحضر علي الآخرين فإختلطت الثقافات وتولدت منها ثقافة هجين لاتعرف لها أصول وصارت مشكلة عويصة يعاني منها المركز حتي يومنا هذا ومن بين عناصر تلك الثقافة تولد نوع من المفردات اللغوية (الرخيصة) التي تستخدم بزخم غير عادي في الحياة اليومية.....
وعندما أقول مفردات ( رخيصة) أعني مرجعية نشوؤ هذه المفردات بمفهومها الحالي لأن منشأها في الأصل هي أدني طبقة من فئات المجتمع السوداني وهي فئة الشماسة والمشردين أو من يطلقون عليهم تأدبا ( الأحداث).... وهي مجموعة من الأطفال في أعمار متباينة وجدت نفسها في الشارع دون عائل فإحتالت علي ظروف بيئتها للعيش علي الكفاف وربما لجأت للحوجة الملحة إلي سؤال الناس أو حتي إلي سرقة مايحتاجونه .... خاصة الطعام......
هؤلاء القوم ولخلق جو آمن في محيطهم لجأوا لإستحداث وتوليد مفردات من اللغة الهجين بها كل لغات العالم فظهرت لغة أطلق عليها الناس إسم الرندوق أو الرندوك.... وهي كما أشرت لغة هجين من جنس الDialect‏ تستخدم فيها عبارات لغوية عادية جدا ولكن بمفهوم ( متقدم) ومعني غريب لايمكن فك شفرته إلا لدي الراسخون في العلم وهم أهل الصنعة ( طبقة المشردون) أو المشتركون في بيئة عمل معينة.......!
ولكثرة مفردات لغة الرندوق وإختلاف مفاهيمها فقد غزت هذه المفردات عقول المثقفين ودخلت البيوت ودور العمل حتي صرنا لانفرق بينها وعامية كردفان أو دارجة دارفور أو عربي جوبا..... بل وصرنا نتعاطاها رغما عنا في بعض المواقف التي تستدعي التحايل والروغان خاصة حين يصطدم الوالد مع بنيه في مسألة يحاسبهم عليها فيتفاهمون بهذا الرندوق و(يتخارجون)......
عذرا فقد أتيت رغما عني برندوق صغير لأن كلمة (يتخارجون) هاهنا أتت بمعني مغاير لمفهومها العام فقد أتيت بالحال وأردت المحل...... فحتي لا أدخل بكم في متاهة (فتدقسون)‏‎ ‎سأتخارج أنا وتدخلون و ( تجككون) فكونوا بخير وصباحكم ‏Zain
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: كلام تا إنت .... Rating: 5 Reviewed By: nietomaga.blogspot.com