728x90 AdSpace

اخر الاخبار
الخميس، 1 سبتمبر 2016

شاتة شاتة ،،،

 

لشدما شعرت بالضيق وأنا أشاهد بالأمس إحدي القنوات العربية المتخصصة في الأحاجي والألغاز والتي كان من المفترض أنها تبث المعلومات والأحاجي والألغاز لترييض ذهن المشاهد.... ولكنها بدلا عن ذلك أتت بإبتكار مكشوف ورخيص جدا الغرض منه ثراء شركة الإتصالات عن طريق كثرة مهاتفة وإتصالات المشاهدين عبر الأرقام ( العالمية) المعروضة بالشاشة....!
والطريف أن هذا البرنامج يبث لأكثر من مرة في اليوم ويظل لساعة من الزمن في كل مرة دون أن يتمكن أحد المتصلين من حل اللغز رغم سهولته المدهشة .... وتلح مقدمة البرنامج وبصورة رخيصة علي المشاهدين أن يسارعوا بالإتصال والإجابة للفوز بالجائزة ذات الرقم الفلكي وتبدأ في التفنن بأسلوب سافر في المجادلة والسؤال مع المتصل( الغافل) لتطويل زمن الإتصال وبالتالي ( نشل) رصيد المتصل بطريقة( دولية) رخيصة وداعرة....!
قديما كانت الحبوبة تجلس وحولها الأطفال وتقول مستفتحة برنامجها...... حجيتكم مابجيتكم..... فيرد عليها الجميع وبصوت واحد.... خيرا جانا وجاك...... وذلك دليل إستعداد للدخول في برنامج حل الألغاز ...... فتبدأ الحبوبة مثلا بقولها..... عيني واحدة ومابشوف بيها وسني واحدة وماباكل بيها.... بكسي الناس وأنا عريانة.....!
أنا منو.....؟
فيبدأ الأطفال في التخمين وإعطاء الإجابة واحدا تلو الآخر..... والحبوبة تقول لمن يخطئ في إجابته.... كضبن كاضب.....!
وهكذا إلي أن يأتي أحدهم بالإجابة الصحيحة فيقول إنتي الإبرة ( إبرة الخياطة).......!
الأونشو عزيزي القارئ كانت لديهم نفس طريقة الحكي في قصص الأحاجي والألغاز ..... وكانت الحبوبة عندما تطمئن لإجتماع الجميع لديها تتنحنح ثم تبدأ مستفتحة بقولها..... شاتة شاتة.....!
فيرد عليها الجميع بصوت واحد.... أجبك خيرك....( ولست أدري مامعني العبارتين) ولكنها كانت بمثابة ( نشيد العلم) لبدء برنامج الأحاجي والألغاز من هذا النوع ولايمكن أبدا إستهلال الألغاز لدي الأونشو إلا بهذه العبارات الغريبة والتي أعتقد أنها عبارات عربية تم تنويبها ( أي حولت لنوبية) والله أعلم......!
ونتابع مع الحبوبة في بث برنامج ألغازها قائلة.... شر بيرندي ديااااا......... أونق شويكو أون شواري....!
أي أنا شئ صفتي كذا وكذا.....!
وهنا يبدأ الصغار بتسمية هذا الشئ بناءا علي صفاته المعطاه..... والحبوبة تقول.... أؤنق... أؤنق..... حتي يأتي أحدهم بالإجابة الصحيحة فتقول له الحبوبة.... ناندي ورا...؟
أي ماذا تطلب كجائزة .... فيقول الطفل.... كودوني واري.... أي أطلب جبلا كجائزة....!
فتقول الحبوبة.... دكل شويري... أي خذ جبل دكل.
فيرفض الطفل ويقول.... أؤنق...( دلالة علي بساطة الجائزة).
فتقول الحبوبة.. جوكو شويري.. أي خذ جبل جوكو.... فيرد الطفل بتعنت صاحب الحق المبين .... أؤنق وندي.... فتقول الحبوبة بعد تفكير .... مورنج شويري.... أي خذ جبل مورنج..... فيقول الطفل.... شواليه.... أي رضيت به ك(جائزة)....
وأحيانا يرد الطفل قائلا.... إيشرقي تيلديبي.... أي منحت جائزتي لفلان.....( كما يفعل البعض بقيمة جائزة نوبل مثلا)....!
وهنا تبدأ الحبوبة في إعلان لغز آخر بنفس الطريقة السابقة والكل مستعد للإشتراك وإعطاء الإجابة المحتملة للفوز بإحدي المعالم كجائزة......!
والملاحظ عزيزي القارئ أن هناك سمات وفوائد جمة تضمنتها أحاجي الشاتة شاتة القديمة.... أولها تعليم الأطفال صفات بعض المخلوقات حيث يتعرف الأطفال من خلالها عليها .... كذلك غرس روح المنافسة والشجاعة الأدبية وروح المخاطبة والحوار مع الآخرين منذ أعمار صغيرة وقوة الحجة عند المطالبة بالحق.... ولاننسي تعليم مبادئ الجغرافيا والعلوم الإنسانية للطفل من خلال تسمية بعض المعالم الجغرافية وتعريفها له .... فقد لايعلم الطفل أين يقع جبل مورنج هذا ولكن حين يمنح له كجائزة فهو يسأل عن موضع جائزته فتوضح له الحبوبة أين يقع جبل مورنج ومدي إرتفاعه وماهي صفاته الجغرافية...... !
أما أكبر مكسب تربوي نجده في هذا النوع من المناهج التربوية فهو صفة إيثار الغير بما نملك من خير.... فنلاحظ مثلا أن الطفل الفائز قد طالب بأن تكون جائزته ضخمة وقيمة وبعد أن إستحقها قام بمنحها بكل سماحة لأحدهم وربما كان ذاك الآخر من الذين لم يتوفقوا في حل لغز أو إعطاء إجابة صحيحة والفوز بجائزة.... وهنا يكبر هذا الطفل المانح في نفوسنا بما أقدم عليه من فعل جميل.... ثم تخيل معي مبلغ الشعور بالجميل والإحساس العميق الذي يكتسي به الطفل الآخر حين يتلقي تلك الجائزة التي أختيرت بعناية لتوهب له شخصيا دون كل الحضور.... وتخيل مدي ماسيكنه هذا الطفل من مشاعر الأخوة والعرفان لصديقه الذي منحه جائزة في حجم( الجبل).... وإن كانت الجائزة معنوية( لدينا).... ولكنها حقيقية وملموسة( لديه)......!

ولذلك عزيزي القارئ أقول أنه ربما إرتقي الناس في كثير من العلوم ولكني أري تدنيا مريعا في العلوم التربوية الخاصة بالطفل لأن العلوم الحديثة تقفز بالطفل قفزات بعيدة المدي وخطوات واسعة لايمكن لذهنه وتفكيره البسيط من مجاراتها ..... بل وربما أدي هذا التبكير المفاجئ والتكبير المخل في التعليم إلي إخفاء وطمس كثير من المعالم والصفات التربوية اللازمة لإعداد الطفل المتعافي التفكير والتقدير للحياة وتقييم مصاعبها القادمة.......!
ولكن ربما كان تحليلي كلاسيكيا ومبنيا علي خطأ ولك رأي آخر أو ربما وافقتني فيما رأيت فما قولك......؟
كن بخير وصباحكZain.
  • Blogger Comments
  • Facebook Comments

0 comments:

إرسال تعليق

Item Reviewed: شاتة شاتة ،،، Rating: 5 Reviewed By: nietomaga.blogspot.com